الاعمى إذا أراد الصلاة فعليه أن يتحرى القبلة باللمس للحيطان إذا كان صاحب البيت، وإلا فعليه أن يسأل من حضر عنده، فإن لم يكن عنده من يسأله تحرى وصلى بالاجتهاد الغالب على ظنه، ولا إعادة عليه، كالبصير إذا اجتهد في السفر ثم تبين له خطأ اجتهاده فلا إعادة عليه. يجوز أن يعلم القبر بعلامات يعرف بها، فقد ثبت أنه صلى الله عليه و سلم لما دفن عثمان بن مظعون جعل عند قبره حجرا وقال: "أعرف به قبر أخي، وأدفن إليه من مات من أهلي". فيجوز أن يجعل علامة كحجر أو لبنة أو خشبة أو حديدة أو نحو ذلك، ليميز بها القبر عن غيره حتى يزوره ويعرفه.أما أن يكتب عليه فلا يجوز؛ لأنه قد نهي أن يكتب على القبور حتى ولو اسمه، وكذلك نهي أن يرفع رفعا زائدا عن غيره. الدين الذي في ذمة من هو قادر على الوفاء يزكى؛ لأنه بمنزلة الأمانة عنده، ويقدر صاحبه أن يأخذه ويتحصل عليه متى طلبه، وأما الدين الذي عند معسر أو مماطل ولو كان غنيا، فإن صاحبه لا يقدر على الحصول عليه، ولو طالبه قد يدعي الإعسار والفقر، فمثل هذا المال كالمعدوم، فلا زكاة عليه إلا إذا قبضه شريعة الإسلام شريعة واسعة كاملة، اشتملت على كل ما تمس إليه حاجة البشر، حاجة الذكور والإناث في الدنيا وفي الآخرة، فذكر الله تعالى نساء الدنيا وجعل لهن أحكاما، وذكر النساء في الآخرة وذكر ثوابهن كثواب الرجال المؤمنين، وفي هذا تمام العدل والحكمة       إن المؤمن بربه يرضى بالقضاء والقدر، ويعلم أن ما أصابه لم يكن ليخطئه، ويعلم أن في الابتلاء والامتحان خيرا كثيرا وأجرا كبيرا، وأن المصائب والنكبات يخفف الله بها من الخطايا، فيستحضر قول النبي صلى الله عليه وسلم: "ما أصاب العبد المسلم من نصب ولا وصب ولا هم ولا حزن ولا أذى ولا غم، حتى الشوكة يشاكها، إلا كفر الله بها من خطاياه" متفق عليه.
كتاب الروض المربع الجزء الثالث
183788 مشاهدة
بيع الدار يشمل أرضها

إذا باع دارا أو وهبها أو رهنها أو وقفها أو أقر أو أوصى بها، شمل العقد أرضها أي: إذا كانت الأرض يصح بيعها فإن لم يجز كسواد العراق فلا.


يبدو أن الماتن اقتصر على البيع، والشارح ألحق ما يشبهه. ما يشبه البيع، فيشبهه الهبة إذا وهبها، شمل أرضها وجميع ما يلحق بها. وكذلك الوقف. إذا وقفها وسبلها، دخل فيها الدور والبناء ونحوها. وكذلك إذا رهنها رهنا دخل في الرهن ما عليها، وكذلك إذا أقر بها لإنسان اعترف بأن هذه الدار لفلان. وكذلك إذا أوصى بها. إذا ما مت فهذه الدار تبرع مني لزيد هذه الأشياء التي تلحق بالبيع: الهبة والرهن والوقف والوصية والإقرار والاعتراف بها لإنسان، ثم نبه على أن هذا البيع خاص بما إذا كانت الأرض تباع -يمكن بيعها-. أما الأرض التي لا يجوز بيعها كالموقوفة من سواد العراق ومن سواد الشام ومصر فهذه لا تباع؛ لأن عمر رضي الله عنه وقفها كما تقدم في كتاب البيع. في كتاب البيع قال: ولا يباع غير المساكن مما فتح عنوة كأرض الشام ومصر والعراق بل تؤجر.
والأصل أن عمر -رضي الله عنه- لما فتحت سواد العراق يعني: المزارع وسواد الشام كله بما فيه سوريا ولبنان والأردن وسواد مصر يعني المزارع سبلها، ولم يقسمها بين الغانمين؛ وذلك لأنه خشي أن الفتوح تتوقف، فقال: ربما تتوقف الفتوح، فلا يكون لبيت المال إيراد. فإذا سبلناها وأجرناها، فإنها تغذي بيت المال، فاتفق على ذلك الصحابة الذين فتحوها إلا قليل منهم، وتبرعوا بها وقفا. نعم.